انتقال الى الصفحة  1 2 3 4 5 التالية


 قرية بيت إكسا تاريخ إسلامي طويل تسقط ضحية لسرطان الإستيطان              <عودة الى البداية>

 

رام الله – خاص

 بين عدد من السفوح الغربية المرتفعة التي تطل على البلدة القديمة لمدينة القدس المحتلة ومدينة رام الله تقع قرية بيت إكسا إلى الشمال الغربي من القدس والتي تبعد عنها خمسة كيلو مترات، كانت قرية بيت إكسا حتى وقت قريب إحدى القرى الرئيسية التي تطل على المدخل الغربي لمدينة القدس والتي دارت في رحاها عدد من المعارك الحاسمة بين الجيوش العربية والقوات الصهيونية عام  1948.

ونظرا لقربها من مدينة القدس خضعت هذه القرية الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها عن 1500 شخص لاعتداءات ومضايقات مستمرة ودائمة من قبل قوات الاحتلال الصهيوني منذ احتلالها عام 1948، بهدف دفع سكانها لتركها والرحيل عنها.

 وفي الأيام الأخيرة تسارعت الهجمة الاستيطانية المسعورة التي تستهدف السيطرة على هذه القرية، فقام عدد من جنود الاحتلال وضباطه بوضع عدد كبير من اللافتات التي تحيط بالقرية من جوانبها الأربعة، والتي تحظر على سكانها الدخول إلى أرضهم الزراعية المقدرة بـ 14000 دونم مزروعة بأشجار اللوزيات والزيتون، وبذلك لم يبقى لهم من قريتهم سوى منازلهم.

 

بيت إكسا والعصابات الصهيونية

 

 ولعل هذه الهجمة تأتي في إطار عملية التنظيف الشاملة التي تنفذها سلطات الاحتلال في المنطقة الغربية من مدينة القدس المحتلة، بعد أن قامت بطرد سكان القرى المحيطة بها، فقرية لفتا طرد أهلها عام 1948 وكذلك قرية دير ياسين التي وقعت فيها مذبحة نفذتها العصابات الصهيونية سقط ضحيتها 257 شخصا من الأطفال والشيوخ والشبان والنساء، وقريتي قالونيا والقسطل وكذلك قرية بيت إكسا عام  1948م.

 ولكن لحسن حظها فقد أعادت قوات الاحتلال هذه القرية إلى القوات الأردنية في أعقاب اتفاق بين الجانبين بإعادة القرية مقابل السيطرة على قرية بيت صفافا التي يمر منها خط سكة الحديد الذي يصل بين مدينة القدس بمدينة يافا، فعاد عام 1953 في إعقاب الاتفاق قرابة 500 شخص من سكان القرية فقط من مخيم الكرامة الذي لجأوا إليه في الأردن.

 وبقيت القرية تحت سيطرة القوات الأردنية حتى عام 1967 حيث خضعت كما كل الضفة الغربية للاحتلال الصهيوني من جديد، وبقي سكانها صامدون فها شوكة في حلق الاحتلال ورفضوا الإذعان للضغوط الصهيونية التي مورست عليهم بتفجير منازلهم وتدمير ممتلكاتهم.

 وبقيت قرية بيت إكسا من بين القرى القليلة المفتوحة على مدينة القدس المحتلة وكانت جبالها الطويلة المترامية تشكل المدخل الرئيس الذي يقصده عشرات الآلاف يبغون مدينة القدس.

 

بيت إكسا والإستيطان

 

ومنذ دخولها للمرة الثانية إلى القرية أخذت قوات الاحتلال تقيم عدد من المستوطنات التي أصبحت بمثابة طوق جاثم على عنق القرية ولم يعد متسع من الأراضي أمام سكان هذه القرية الفلاحين الذي كانوا يعتاشون على الزراعة، فشرعت في إنشاء مستوطنة راموت التي أقيمت على أراضي القرية من الجهة الجنوبية الشرقية للقرية لتضم في جنباتها أكثر من 70 ألف مستوطن، وتسيطر على أكثر من ثلث أراضي القرية.

لم تكتف قوات الاحتلال بهذه المستوطنة التي تحولت إلى أجد أجمل وأكبر أحياء مدينة القدس الغربية بل شرعت في مطلع الثمانينات في إنشاء "مستوطنة المفاسيرت" المقامة على بقايا أراضي قريتي القسطل وقلونيا وتضم أكثر من 30 ألف مستوطن، وتحيط بالقرية من الجهة الجنوبية الغربية.

أما من الجهة الشمالية فقد راحت تختلق الحجج وتزور الوثائق من أجل إحكام السيطرة عليها، وراحت تضيق على المزارعين وسكان القرية تحت حج وذرائع أمنية واهية، وشرعت منذ بداية العام الحالي في إنشاء مستوطنة جديدة أسمتها "هار أصمويل " ومستوطنة " نتسفي تفوح" التي صارت في مراحل الإنشاء النهائية.

 

نشأتها وتسميتها

 

أما عن نشأتها تقول الروايات التاريخية أن سلسلة الجبال المحيطة في مدينة القدس من الجهة الغربية كان يقطنها الصليبيين المحتلين الذين سيطروا على مدينة القدس قرابة المائة عام، وفي إعقاب تحريرها من قبل القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي قرر وأعوانه أن يحضروا عدد من العائلات الإسلامية لتسكن في جوار مدينة القدس لمنع الصليبيين من العودة إلى المنطقة وكانت هذه بداية التواجد الإسلامي في المنطقة.

واتضحت أهمية هذه القرية للدولة العثمانية الإسلامية منذ القدس حيث حولها العثمانية إلى "قرية كرسي" أي قرية المركز للقوات العثمانية التي كانت تحكم المنطقة، وأنشأ فيها العثمانيون قلعة من أعظم القلاع التي وجدت في فلسطين، كان يسكنها "الحكم دار" أي حاكم المنطقة حيث تجاوز عدد سكان القرية في ذلك الوقت قرابة 3000 مواطن.

وتعود تسميتها إلى أحد أولياء الله الصالحين يدعى "إكسال" أقام في هذه المكان منذ قدومه إلى فلسطين وأصبح يطلق على هذه القرية "بيت إكسال" وحرفت فيما بعد لتصبح بيت إكسا.

 

الأمن سياسة لفرض أمر واقع جديد

 

استغلت سلطات الاحتلال انتفاضة الأقصى الحالية من أجل إحكام سيطرتها على القرية، ومن اجل خلق سياسة جديدة على الأرض كما هي عادتها، فراح المستوطنون بحماية جنود الاحتلال يحرقون ويدمرون الأشجار المثمرة التي تعود لفلاحي القرية.

فهذا المواطن عادل حبابة وقع ضحية اعتداءات المستوطنين الذي قاموا برش حقوله المزروعة بكروم العنب بمادة سامة حولت حقله إلى كومة من الأشجار المتفحمة التي لا فائدة منها.

 وقامت قوات الاحتلال بإغلاق الطريق الرئيسية الوحيدة المؤدية إلى القرية التي تمر وسط حي استيطاني حيث يتربص المستوطنون بأهلها من كل جانب، وراح سكانها يسيرون في عدد من الطرق الترابية الجبلية الوعرة التي يتكاثر فيها المستوطنين وجيش الاحتلال الذين اعتادوا دوما التنكيل بالمواطنين المارين.

وراح جنود الاحتلال يقيمون الحواجز الليلية المتنقلة التي شكلت مصائد لاعتقال أبناء القرية والتنكيل بهم تحت ذرائع الأمن المزعوم.

وحال الحاج عادل حال الكثير من مزارعي القرية التي يملكون آلاف الدنمات يزرعونها ويعتاشون منها، وتهدد خطوة الاحتلال الأخيرة في قطع مصدر رزقهم الوحيد بعد أن تركوا العمل داخل الخط الأخضر.

 برغم من كل ذلك تبقى قرية بيت إكسا شوكة في حلق الاحتلال عصية على مختطاتهم الهادفة إلى تهويدها وإفراغها من سكانها العرب الذي أصبحوا قلة وسط عشرات آلاف المستوطنين.


 االجدار الفاصل يشق طريقه حول بيت إكسا              <عودة الى البداية>

الجدار الفاصل حول بيت إكسا _ القدس


    بيت إكسا قرية تقع في شمال غرب القدس قريبا من راموت، ويسكنها 1600 نسمة يحمل معظمهم هويات تابعة للضفة الغربية. وبعد التوقيع على اتفاقات أوسلو، صُنف بيت الأقصى تحت المنطقة (باء). و منذئذ  تقع الشئون المدنية تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، والمسائل الأمنية تحت سيطرة القوات العسكرية الإسرائيلية.

  منذ اندلاع الانتفاضة الحالية، أقيمت نقطة تفتيش على الجانب الشرقي للقرية. وتفصل تلك النقطة بيت الأقصى عن بقية الضفة الغربية. وقد وضع هذا الأمر قيودا متشددة على حركة السكان ووصولهم إلى الخدمات الواقعة خارج القرية.

  سوف يلحق إقامة حاجز القدس ضررا أكبر باتصالات القرية بالمنطقة المحيطة. حيث يحدها الخط الأخضر من الجنوب، وتحيط بها المستوطنات من الجهات الأخرى: هار أدار غربا، راموت ألون ورخيس شعفاط شرقا، والنبي صموئيل وجيفعون وهاخاداشا حتى جيفعات زيف شمالا. وسيم منع الوصول إلى القرى الفلسطينية المحيطة عند إقامة "الجيب 1 والجيب 2" (انظر الخريطة أعلاه)، حيث ستطوق بالكامل بيت حنينة البلد و بيرنبالا والجديرة والجيب و قلنديا البلد. وستعزل بدو وبيت سوريق والطيرة وغيرها عن ساكني بيت الأقصى.

  يتألف أكثر من 80% من سكان بيت الأقصى من اللاجئين المسجلين لدى الأونروا، أي 577 أسرة. ويتلقى معظمهم حاليا، 440 أسرة، مساعدات طارئة من الوكالة. وقد تم بالفعل في بعض الحالات تعطيل الوصول إلى فرق التوزيع والعيادات المتنقلة في المناطق التي تضررت من استكمال الجدار شمالي الضفة الغربية. وفي ظل التعداد السكاني العالي للاجئين الفلسطينيين المقيمين في بيت الأقصى، إذا واجهت فرق الإغاثة بالأونروا مشكلات في الوصول إلى القرية فإن ذلك سيكون له أثر سلبي خطير على الظروف الإنسانية.

  سيلحق إقامة الجدار ضررا بالغا أيضا بالوصول إلى مرافق التعليم الثانوي، فليست هناك سوى مدرستين ابتدائيتين للسلطة الفلسطينية في بيت الأقصى، أحداهما للبنين والأخرى للبنات، ينتظم فيهما 198 تلميذ لاجئ وآخرون. ويتمثل الإجراء الشائع حاليا في قيام التلاميذ بتسجيل أنفسهم في مدارس القدس الثانوية، والسفر ذهابا وإيابا إلى بعض القرى الفلسطينية التي ستقع الآن داخل "الجيب 1 والجيب 2". وعند استكمال الحاجز، لن يتوفر أي من هذين الخيارين لأطفال بيت الأقصى.
 


بيت إكسا حزينة ... بينما تزهو 104 من القرى والبلدات الفلسطينية بالانتخابات المحلية              <عودة الى البداية>

كتب بلال غيث 

صباح الخميس، 29 أيلول... إنه يوم عادي كبقية أيام العام بالنسبة لقرية بيت إكسا (1500 نسمة) شمال غربي القدس المحتلة ... لا وجود لأي مظاهر انتخابية، وليس هناك مرشحون ... الشوارع والطرقات خالية من الملصقات والدعاية الانتخابية التي تزينت بها ثلاثة من القرى المجاورة لها وهي بدو وبيت دقو والقبيبة ... كثير منهم يتسأل أين هي الديمقراطية التي نسمع عنها ولم نعشها يوما في حياتنا؟؟

أهالي القرية يتوجهون منذ الصباح الباكر إلى أعمالهم داخل الخط الأخضر أو إلى مؤسسات السلطة الوطنية المنتشرة في بلدة الرام شمال القدس المحتلة وداخل الوزارات المنتشرة في رام الله، بالاستخدام حافلتين كبيرتين خصصتا لنقل الأهالي بمواعد محددة تسيران وفقهما، يرفض جلهم الحديث إلى وسائل الإعلام خشية ان يسألوا عن أحاديثهم لاحقا.

وقبل الوصول إلى القرية يصتدم القادم إليها بكثير من المكعبات الإسمنتية التي تقوده في النهاية إلى حاجز يسمى حاجز راموت  "6 كيلو مترات شمال القدس المحتلة"، وهنا تجد بوابة صغيرة لا يصل إرتفاعها المتر والواحد بعرض ثلاثة أمتار، يقف بمحاذاتها أحد جنود الاحتلال يدقق هويات الداخلين والخارجين.

داخل القرية يحلم العشرات من الأهالي بذاك اليوم الذي انتظروه طويلا للحصول على الهوية الإسرائيلية ليتمكنوا من التنقل والعمل بحرية بعد سني العذاب الطويلة التي عاشوها وتستمر حتى اليوم، يرفضون كل ما هو فلسطيني أملا منهم الوصول إلى مبتغاهم، ورغبة في التعبير عن رفضهم للإهمال الرسمي الفلسطيني الذي يعانون منه منذ مجيء السلطة الفلسطينية.

وإمعانا في الأزمة التي تحياها هذه القرية لم يتقدم إلى المجلس لانتخابات المجلس القروي التي كان من المقرر أن تجري الخميس التاسعع والعشرين من أيلول أي قائمة، فالأحزاب السياسية لم تنجح في تشكيل أي قائمة داخل هذه القرية ، لانه لا يوجد لها أي ممثلين فيها أصلاً، حتى التحالفات العشائرية التي حاولت أن تشكل إحدى القوائم لم ترى قائمتها النور لأسباب لا يفمها أهالي القرية أنفسهم!!

وبعد عناء يجد المسافر نفسه في إنحدار طويل يقودك في النهاية إلى قرية تعتلي جبلين فقط من جبالها الكثيرة التي يمنع الاحتلال إستصلاحها أو حتى الوصول إليها، تجدها محاصرة بالمستمعرات من كل الجهات، فهذه مستوطنة رموت التي يقطنها ما يقارب الـ30 ألف مستوطن حسب الإحصاءات الإسرائيلية تحيط بها من الجهة الجنوبية الشرقية، بينما تقف قرية لفتا التي استوطن المستعمون عددا منها في الجهة الجنوبية من القرية ويمنع الأهلي من الإقترا منها.

وبالقرب منها وفي الجهة الجنوبية الغربية توجد مستعمرة "مفسيرت تسيون التي تقيمها وقات الاحتلال على أراضي قريتي بيت إكسا وبيت سوريك الفلسطينيين إضافة إلى قرية قالونيا المدمرة عام 1948، أما لجهة الشمالية فهي أراضي كثيرة خالية وغير مزروعة إلا من الأشجار الحرجية التي زرعها موظفوا ما يسمى بـ"صندوق الكيرن كيمت" الإسرائيلي تمهيدا لإستيلاء عليها.

عند الدخول والحديث مع الأهالي ليس على أساس صحفي في تجد أن شغلهم الشاغل لهم لقرار الإسرائيلي الذي أبلغهم إياه أحد جنود الاحتلال مطلع الأسبوع الحالي والقاضي بمنعهم من البناء او الذهاب إلى ما تبقى لهم أراضي زراعية أو حراثتها أو قطف محصول الزيتون، لأنها مرحلة دقيقة تمر بها القرية.الكثيرين اعتبروه كارثة كبرى حلت بقريتهم لأنهم لن يسطيعوا البناء مجددا أو إكمل منشائتهم القائمة حاليا، فيما اعتبره آخرون مبشرات جديدة لتحقيق حلمهم الذي طالما انتظروه طويلا!!!

قبل وقت قريب فقط شهد اهالي القرية حدث كبيرا إنها الانتخابات الرئاسية لما يشارك إلا القليل منهم فيها، فهم يرون أن صوتهم فيها كان غير مؤثرة وكانت النتيجة معروفة مسبقا، او أنهم قاطعوها لأن عددا من المجوعات الدينية قد حرمت المشاركة فيها كما يشير عددا منهم.

لجنة الانتخابات المحلية تؤكد أنها القرية الأولى منذ إنطلاق الانتخابات المحلية التي لم تقدم فيها أي قائمة نفسها، وربما الأولى أيضا منذ عام 1974 وهو تاريخ إجراء الانتخابات المحلية السابقة التي لم يتقدم فيها أي مرشح لرئاسة المجلس القروي في الضفة الغربية والقطاع.


 الحاج عبد السلام الخطيب... ثلاث نكبات ويخشى أن يعيش الرابعة               <عودة الى البداية>

 

كتب بلال غيث

ثلاث نكبات عاشها الحاج عبد السلام الخطيب (78 عاما) المقيم في قرية بيت إكسا شمال غرب القدس المحتلة، وهو يخشى حاليا أن يعيش نكبته الرابعة بسرقة أرضه الزراعية التي اعتاد فلاحتها منذ أربعة عقود.

تجاعيد وجه وهرم جسده طويل القامة يبدو أنها لم يؤثر في إصراره على البقاء هذه المرة وربما التعرض للموت داخل بيته كما يقول في حال محاولة الإسرائيليين طرده من منزله خصوصا في الظل الظروف الصعبة التي تحياها قريته الصغيرة بفعل جدار الفصل العنصري.

يجلس الحاج الخطيب داخل منزله القديم المكون من غرفتين الواقع وسط البلدة القديمة المهدومة منذ عام 1948، والذي أعاد ترميمه بعد أن فجرته العصابات الصهيونية يروي تفاصيل النكبات التي عاشها وأهالي قريته على أيدي المحتلين.

يقول الحاج الخطيب أنه لن ينسى ذلك النهار الرمضاني الحار، حيث كان الناس وسط حقولهم الزراعية يحصدون قمحهم تمهيدا لبيعه عندما اقتحمت العصابات الصهيونية قرية "خروبة" التابعة لمدينة الرملة في تلك الحقبة والتي كان يقطنها قرابة 600 شخص، وأجبروا سكانها على الرحيل حفاة عراة تحت تهديد السلاح، ليرحلوا جميعا خصوصا بعد أن انتشرت أخبار الجرائم التي ارتكبتها عصابات (إيتسل) و(ليحي) الصهيونيين في مدينة اللد والقرى القريبة منه، ولم يبقى في القرية سوى قليلة من الفدائيين المدافعين الذين استشهدوا في وقت لاحق.

لم يتسنى للحاج الخطيب أن يعود لإغلاق منزله وإحكامه أو إلقاء نظره وداع عليه، ظناً منه أن رحيله سيكون مؤقتا وأنه سيعود إليه بعد أن تغادر العصابات الصهيونية من حيث أتت لكنه لا يزال ينتظر هذه العودة حتى اليوم.

سني نكبته الثمانية والخمسين لم تنسه تفاصيل أرضه الزراعية ولا بيته الطيني، فهو لا يزال يقدم لكل من يزوره تفاصيل أرضه المزروعة بالقمح والشعير والتي تتجاوز مساحتها 150 دونما كما يقدرها، وهي تشكل جزءا من السهل الساحلي الفلسطيني، كما بدا حزينا وهو يتحدث عن تفاصيل جني محصول القمح وبيعه في مدينتي اللد الرملة.

وكم يبدو حزينا وهو يتذكر مرارة الرحيل والتي عاشها حتى وصل قرية "بيت إكسا" التي يقيم بها حاليا وحيدا بعد أن توفيت زوجته، قائلا أنه لم يهدأ لهم بال، بعد فبعد أسابيع قليلة من وصولهم إلى القرية انتشرت أخبار مذبحة قرية "دير ياسين" المجاورة لهم، وخشية على حياتهم قاموا بمغادرة القرية مرة أخرى إلى أماكن مختلفة منها مخيم عقبة جبر في مدينة أريحا وإلى مدينة رام الله والبيرة.

ولكن رحيلهم لم يكن بالأمر السهل حيث رحلوا وسط الاشتباكات التي كانت تدور بين جيش الإنقاذ العربي المتمركز على جبل "النبي صموئيل" المطل على مدينة القدس، وبين العصابات الصهيونية التي تواجدت في قريتي "دير ياسين" و"لفتا" والتي قامت في وقت لاحق بتدمير قرية "بيت إكسا" المكونة من 120 بيتا بالكامل، بما فيها بيت الحاج عبد السلام الذي كان يستخدمه كمكان يحضر إليه في الصيف فيما يعود في الشتاء إلى بلدته "خروبة".

وبعد ثلاث سنوات من الرحيل جرى اتفاق بين القوات العربية والحركة الصهيونية على إعادة قرية "بيت إكسا" إلى السيادة العربية مقابل الحصول على جزء من قرية بتير جنوب القدس المحتلة وهو الذي يمر منه خط سكة الحديد التي تربط بين مدينتي يافا والقدس.

وبالفعل عاد أهالي القرية إلى قريتهم يلملمون جراحهم فرحين بالإنجاز الذي تحقق، وشرعوا في إعادة ترميم منازلهم التي دمرها القصف الصهيوني، وكانوا مستبشرين بنصر الجيوش العربية وعودتهم أيضا إلى بلدتهم الأخرى "خروبة".

ولكن في العام 1967، كما يقول الحاد عبد السلام الخطب وخشية على حياتهم ونظرا لصورة المجازر التي لا تزال عالقة في أذهانهم ولاقتحام جزء من جيش الاحتلال الإسرائيلي البلدة بحجة التفتيش عن الأسلحة غادر جزء كبير من أبنائها إلى الأردن عبر معبر الكرامة، وبمن فيهم الحاج عبد السلام الذي تمكن من التسلل والعودة لاحقا إلى القرية.

واليوم يبدى الحاج خشيته أن يهجر أهالي قريته مرة أخرى خصوصا أن جدار الفصل العنصري الذي يبنى على أراضيهم الزراعية، أصبح يحول دون تمكنهم من الوصول إليها أو فلاحتها، ولم يتبقى لهم سوى منازلهم بعد أن أصبحوا معزولين بالكامل في سجن كبيرة بين الجدار الذي يبنى حول الضفة وحدود العام 1967 التي تفصلهم الأراضي المحتلة عام 1948.
 

    <عودة الى البداية>